السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى جميع الأخوة والأخوات الأعضاء الكرام .
أود في هذه المشاركة أن أطرح عليكم موضوع طالما شغلني وأهمني و أزعجني كثيراً، فكرت كثيراً في الكتابة عنه ولكن ترددت وأخيراً قررت الكتابة والله من وراء القصد.
الموضوع يتعلق ببعض المشاركات حول العلاقات الخاصة بين الزوجين .
لم أتوقع أن أجد في المنتدى مواضيع تتناول العلاقات الخاصة بين الزوجين بأسلوب وكلمات بعيدة جداً عن الحياء والعفة و الحشمة . فتجد الكاتب أو الكاتبة تتوسع في ذكر تفاصيل المباشرة وإفشاء ما يجري من قول أو فعل، والوصف بشكل دقيق لتفاصيل العلاقة بشكل تصويري وبكلمات مثيرة كل ذلك تحت غطاء أن لديه أو لديها مشكلة في هذا الموضوع وتريد النصح و المشورة ومما يزيد الأسف أن مثل هذه المواضيع تحظى باهتمام وردود أكثر من غيرها ( لا تعليق ).
ولولا الحياء وأنا لا أخالفكم فيما أدعوا إليه لسقت لكم أجزاء من عناوين ما رأيته من هذه المواضيع لرأيتم أنها يندى لها الجبين فما بالك بما يحتويه متن الموضوع .
أيها الكرام الأفاضل حسب علمي وفهمي المتواضع ذكر حالات الجماع الخاصة والتحدث عنها بشكل مفصل وعلى العامة لا يجوز، فهو مخالف للمروءة ،ومن اللغو الذي لا فائدة منه ولا حاجة إليه ، وينبغي للإنسان أن يتنزه عنه " فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " حديث صحيح .
فالشريعة الإسلامية المطهرة لم تغفل هذا الموضوع (الجماع ) بل تناولته بشكل راقي فهو من أمور الحياة المهمة التي أتى بها ديننا ونبهنا عليها وشرع لها من الآداب والأحكام الشرعية ما يرقى بها إلى مستوى العبادة التي يُثاب عليها المسلم.
عباد الله، إن مما ينبغي حفظه ما يحصل بين الزوجين وتفاصيل ما يقع حالَ الجماع ، إلى غير ذلك من الأسرار الخاصة ببيوتنا ، وإن مما يقع بين الرجل وامرأته مع أنه في الحلال، إلا أنه لا يتحدَّث به، حتى مجرَّد ذكر الوقائع أنه قد حصل دون تفصيل، إذا لم يكن له حاجة أو مصلحة شرعية فذلك كرهه العلماء، وعدُّوه من خوارم المروءة .
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا السلوك المشين،
(( إنّ من أشر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها ))، أخرجه مسلم ))
عن أبي هريرة (( خطب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على الرجال فقال : هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا ، فعلتُ كذا ؟ قال : فسكتوا ، قال : فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتنَ ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها
فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظروا إليه )) رواه أبو داود ( 2174 ) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 7037(.
ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة فهذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق عمر الذي سمع امرأة تشكو غياب زوجها في الحرب؛ فلم يتحرج وذهب سائلاً( أنظروا إلى صيغة السؤال ) ابنته زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين قائلاً: كم تصبر المرأة على غياب زوجها ؟ فأجابته وكانت إجابتها جعلته يغير نظام الخدمة في الجيوش مراعاة لظروف المرأة وطبيعتها.
وهذه امرأة صالحة تأتي أمير المؤمنين الفاروق عمر شاكية زوجها فتقول: 'يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة الله عز وجل'، فقال لها: 'نعم الزوج زوجك'، فجعلت تكرر قولها ويكرر عليها الجواب، حتى قال له كعب الأسدي: 'يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه'، فقال له عمر: 'كما فهمت كلامها فاقض بينهما'، فطلب كعب زوجها، فأتي به، وقال له : إن امرأتك هذه تشكوك، فقال: هل تشكوني في طعام أو شراب؟!! فقال له كعب: لا، فقالت المرأة:
يأيها القاضي الحكيم رشده
ألهى خليلى عن فراشى مسجده
زهده في مضجعى تعبده
.فاقض القضا، كعب ولا تردده
نهاره وليله ما يرقده
فلست في أمر النساء أحمده
فقال زوجها:
زهاني في النساء وفي الحجل
أني امرؤ أذهلنى ما نزل
في سورة النحل في السبع الطوال
.وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال له كعب:
إن لها عليك حقا يا رجل
يصيبها في أربع لمن عقل
فـأعــطها ذاكودع عـــنك الـعـــلل
ووضح كلامه بقوله: 'إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع؛ فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد
فيهن ربك'، فتعجب الفاروق عمر من قدرة كعب على الفهم وعلى القضاء، وولاه قضاء البصرة، وبالطبع لا يمكن فهم كلام كعب على أن يأتي الرجل زوجته على أي وضع سواء نالت وطرها أم لم تنله؟!
وأنا شخصياً أشك في حقيقة هذه المواضيع وفي شخصية من يكتبونها فنعلم جميعاً أن هناك من يدخلون
للمنتديات لأغراض سيئة في نفوسهم ولنشر الفحشاء والمنكر .
وإذا افترضنا حسن النية فيهم ونقول يفعلون ذلك عن جهل فيجب أن يتم تنبيههم على ذلك .فليس هنا مكان طرح مثل هذه المواضيع والمشاكل المترتبة عليها ، فهذه المواضيع خاصة ولا يجوز التعميم فيها ، فالسؤال عنها يكون بشكل شخصي ولأهل الاختصاص والمعرفة ممكن استخدام عالم الرسائل الخاصة .ثم هناك أعضاء عزاب صغار السنّ الذين ربما يتأثروا بشكل سلبي بكتابة مثل هذه المواضيع بهذا الشكل
الفاضح (والمقصود بذلك الإسفاف في الحديث ) فللبيوت أسرار وبين الزوج وزوجه أسرار، يجب على الزوجين حفظ أسرار الزوجية وخاصة ما يتعلق بالجماع ، فهي أمينة على أسراره وهو أمين على أسرارها .
والله أسأل أن يغفر لنا ويرحمنا ويحفظنا وان يجعلنا من أهل الطيبات وأن لا يجعلنا من أهل المنكرات ، هو ولي ذلك والقادر عليه . ودمتم بحفظ الله ورعايته .
************